تدبير مريض ارتفاع الضغط الشرياني
إعداد: الدكتور محمد مهند قطرية
بإشراف الدكتور محمد معاذ القطمة
يعتبر مرض ارتفاع الضغط الشرياني (أو فرط التوتر الشرياني)أحد أكثر الأمراض انتشاراً في العالم فهو يؤثر على 30 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها ويقدر وجود 20 مليون شخص آخرين فيها لا يعلمون بأنهم مصابون بهذا المرض .
يمكن أن يصيب أي فئة عمرية ولكن نسبة حدوثه تزداد مع العمر .تكون الإناث أكثر عرضة للإصابة بارتفاع الضغط وذلك في الأعمار فوق ال50 سنة بينما في الأعمار تحت ال50 سنة يكون الذكور أكثر عرضة للإصابة به وبشكل عام تكون الإناث أكثر تحملاً لهذا المرض .
ضغط الدم الشرياني
هو بالتعريف الضغط الذي يطبقه الدم على جدران الشرايين . وهو ينتج عن قوتين الأولى هي قوة ضخ القلب للدم في الشرايين والثانية هي قوة مقاومة الشرايين لجريان الدم (المقاومة المحيطية للأوعية الدموية) .
يحافظ الجسم على قيم ضغط الدم عن طريق تفاعلات معقدة بين القلب والأوعية الدموية (الأوردة والشرايين)والجهاز العصبي والكليتين ومجموعة من الهرمونات كرد فعل على محرضات مختلفة .
تتغير قيمة الضغط الدموي خلال اليوم فتكون في حده الأدنى خلال النوم وترتفع عند الاستيقاظ وعند الانفعالات والتوتر والجهد العضلي.
وهناك نوعان للضغط الدموي :
1. الضغط الانقباضي : ضغط الدم حين انقباض القلب .
2. الضغط الانبساطي : ضغط الدم حين ارتخاء عضلة القلب ويكون أخفض من الانقباضي .
والقيمة الطبيعية للضغط الدموي هي غالباً 120-80 مم/ز.
يؤخذ التشخيص وأغلب قرارات المعالجة اعتماداً على ضغط الدم الانقباضي وذلك للأسباب التالية :
1. ازدياد الضغط الانقباضي يرتبط صميمياً بزيادة المقاومة الوعائية المحيطية أما ارتفاع الضغط الانبساطي فيعكس زيادة في مدى الناتج القلبي و/أو مدى تصلب الأوعية الكبيرة .
2. إن معالجة ارتفاع الضغط الانبساطي لا تترافق بشكل واضح مع تراجع في الاختلاطات الوعائية القلبية بينما معالجة ارتفاع الضغط الانقباضي تؤدي إلى نتائج سريرية جيدة .
نقول أن هناك ارتفاع في الضغط الشرياني إذا كان الضغط الانقباضي فوق 140 ملم/ز أو كان الانبساطي فوق 100ملم/ز .
ونقول أن المريض مصاب بفرط التوتر الشرياني إذا سجل لديه ارتفاع في قراءات ضغط الدم عن معدله من 3-4 مرات وذلك في فترات متباعدة نسبياً (3-4أسابيع).
وفي ما يلي جدول يبين تصنيف قراءات الضغط الشرياني :
Systolic blood pressure
Diastolic blood pressure
<120
<80
Normal
120-139
80-89
Prehypertension
140-159
90-99
Hypertension I
160 >
>100
Hypertension II
هذا التصنيف صحيح لدى المرضى الذين لا يتناولون أدوية خافضة للضغط وغير المصابين بمرض شديد قصير المدة وغير المصابين بالسكري أو أمراض الكلية .
ملاحظة: القيمة 80-130 لدى مرضى السكري أو المصابون بمرض كلوي مزمن تعتبر ارتفاع في الضغط الشرياني .
عوامل الخطورة للإصابة بفرط التوتر الشرياني
1. قصة عائلية
2. الإصابة بالسكري أو أمراض الكلية
3. الذكور
4. أكبر من 35 سنة
5. التدخين
6. البدانة
7. تناول مانعات الحمل الفموية
8. شرب الكحول
9. حياة قليلة الحركة
10. تناول كميات كبيرة من الملح
11. تناول الستيروئيدات
أسباب فرط التوتر الشرياني
• فرط التوتر الشرياني الأولي أو الأساسي Essential hypertension
سببه مجهول وهو يشكل 90-95 % من حالات ارتفاع الضغط وتشير الدراسات حالياً إلى الأسباب الوراثية (المؤثرة على جملة الرينين - انجيوتنسين - الدوسترون) وشذوذات الجملة العصبية والبدانة والسكري النمط II .
• فرط التوتر الشرياني الثانوي Secondary hypertension
وهو يشكل الـ5-10% المتبقية من حالات ارتفاع الضغط ويكون تالياً لحالة مرضية تسبب هذا الارتفاع ومن هذه الحالات :
1. أمراض الكلية وخصوصاً المزمنة (التهاب الكبيبات والكلية – التهاب الكلية والحويضة)
2. أمراض شرايين الكلية (تضيق الشريان الكلوي أحادي أو ثنائي الجانب)
3. تناول الكحول المزمن
4. اضطرابات هرمونية (داء كوشنغ- تناول مانعات الحمل الفموية )
5. أورام الغدد الصم مثل ورم القواتم
6. تصلب الشرايين الكبيرة
يعتبر تناول مانعات الحمل الفموية أكثر أسباب ارتفاع الضغط الشرياني شيوعاً .
نلاحظ أن أمراض الكلية واضطرابات الغدد الصم والمشاكل النفسية والعصبية تؤدي إلى ارتفاع في الضغط الانقباضي والانبساطي .بينما نلاحظ ارتفاع الضغط الانبساطي فقط عندما يكون السبب قلس الابهر أو الانسمام الدرقي أو الناسور الشرياني الوريدي .
أعراض فرط التوتر الشرياني
يتميز مرض ارتفاع الضغط بأنه يكون لا عرضياً خلال السنوات الأولى من حدوثه (ولذلك يسمى بالقاتل الصامت) وتكون العلامة الوحيدة هي ارتفاع قياس الضغط الدم .
من الأعراض الأولى : الصداع القفوي - اضطرابات في الرؤية طنين في الأذن دوار ضعف وخدر في اليدين والقدمين .
وفي المراحل المتقدمة تظهر أعراض أخرى ناتجة عن اختلاطات المرض وتختلف حسب العضو المصاب .
الأعراض العلامات
المبكرة
صداع ارتفاع الضغط
ضعف رؤية تضيق الشرينات الشبكية
دوار نزوف في الشبكية
خدر في اليين والقدمين
المتأخرة قصور قلب احتقاني وذمة حليمة العصب البصري
خناق صدري تضخم البطين الأيسر
قصور كلوي بيلة دموية و/أو بيلة بروتينية
عواقب ارتفاع الضغط الشرياني
يؤثر فرط التوتر الشرياني غير المعالج بشكل جيد على عدد كبير من الأعضاء والتي قد تؤدي في النهاية إلى فقدان العضو لوظيفته أو حتى خسارة العضو ذاته . ومن هذه العواقب:
1. في الكلية : الفشل الكلوي - ضمور الكلية – تصلب الكلية .
2. في الأوعية :تصلب الشرايين – تسلخ الابهر .
3. في الدماغ : الحادث الدماغي الوعائي – نزوف دماغية – اعتلال دماغي .
4. في القلب : تثخن جدار البطين الأيسر – قصور قلب احتقاني – عدم كفاءة الشرايين التاجية – الخناق الصدري – احتشاء العضلة القلبية .
5. في العين : نزوف شبكية - وذمة حليمة العصب البصري – وفي النهاية العمى .
6. قد يؤدي إلى نقصان كثافة العظم بسبب زيادة طرح الكلسيوم في الدم .
7. اضطرابات عقلية : ضعف الذاكرة القصيرة الأمد – الزهايمر .
8. أخرى : عرج متقطع – غنغرينا – أم دم شريانية .
9. الموت : بالنزف الدماغي أو الفشل الكلوي أو خثرة الشريان التاجي ....
10. ارتفاع الضغط الخبيث : وهو حالة تتطور لدى 1% من حالات ارتفاع الضغط الأساسي عند المرضى غير المعالجين وهو حالة إسعافية قد تكون مميتة .
يتميز ارتفاع ضغط الدم الخبيث بارتفاع شديد في الضغط الدموي ويرافقه تغيرات شكلية شديدة في النسج الكلوية والتهاب شرايين تقرحي وأمراض وعائية أخرى وهو يؤدي عادة إلى الموت .
معالجة ارتفاع الضغط الدموي
• بعض حالات فرط التوتر الشرياني يمكن علاجها والشفاء منها مثل :
1. ارتفاع الضغط الناجم عن مرض كلوي وحيد الجانب مثل انسداد الشريان الكلوي وحيد الجانب أو التهاب الكلية والحويضة يمكن الشفاء منه بالتصحيح الجراحي أو استئصال الكلية المصابة .
2. ارتفاع الضغط الناتج عن ورم القواتم يمكن معالجته جراحياً .
3. ارتفاع الضغط الناجم عن فرط نشاط الغدة الكظرية بسبب ورم قشري أو فرط تصنع قشري يمكن معالجته جراحياً في بعض الحالات .
• في الحالات المتبقية نكون المعالجة دوائية من أجل تخفيض الضغط الشرياني .
في البداية يتم استخدام نوع واحد من خافضات الضغط وفي حال عدم استجابة المريض أو كون الضغط مرتفعاً بشكل كبير فيتم اللجوء لاستخدام نوعين أو ثلاثة من خافضات الضغط .
الأدوية الخافضة للضغط الشرياني
• المدرات : وهي الأدوية التي تزيد من الإفراز الكلوي وهي تمنع عود امتصاص الصوديوم في الأنبوب الكلوي . وهي تضم :
1. الثيازيدات والسلفوناميدات :مثل الهيدروكلورميثازيد .
2. المدرات القوية : ميزوزاميد .
3. الأدوية التي تمنع طرح شوارد البوتاسيوم : الأميلوزيد .
4. carbonic anhydrose inhibitors .
• مثبطات المستقبلات الأدرنرجية : تؤدي إلى هبوط الضغط الشرياني المرتفع نتيجة إلغائها المقوية الودية في مستويات مختلفة وتضم :
1. حاصرات بيتا الأدرنرجية : برانولول – بيندولول .
2. الحاصرات الأدرنرجية المركزية : متيل دوبا – كلونيدين .
3. الحاصرات الأدرنرجية المحيطية : غوانيدين
4. حاصرات ألفا الأدرنرجية : برازوسين .
5. حاصرات ألفا وبيتا الأدرنرجية : لابيتالول .
• موسعات الأوعية : تؤثر مباشرة على الفعالية التقلصية للخلايا الملساء للجدر الوعائية : هيدراليزين – مينوكسيديل .
• مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين : كابتوبريل .
• حاصرات أقنية الكلسيوم : نفدبين .
مريض فرط التوتر الشرياني في العيادة السنية
عند وصول مريض مصاب بارتفاع الضغط لأول مرة إلى العيادة يجب القيام بما يلي :
1. أخذ قراءتين للضغط وذلك بعد أن يكون المريض قد أخذ قسطاً من الراحة .
2. يجب استشارة الاختصاصي لمناقشة : الوضع الحالي للمريض ,خطة المعالجة ,التعديلات المقترحة .
يبين الجدول التالي العلاقة بين الضغط الدموي للمريض ونوعية المعالجة لتي يمكن تطبيقها على المريض :
الضغط الانبساطي الضغط الانقباضي
85-104 لا تقييد على المعالجة <140 لا تقييد على المعالجة
105-114 معالجة انتقائية أو إسعافية 104-190 لا تقييد على المعالجة
>114 حالات إسعافية فقط >199 معالجة انتقائية أو إسعافية
المعالجة الانتقائية : الإجراءات الوقائية - الإجراءات الترميمية - المعالجات اللثوية غير الجراحية - المعالجات اللبية غير الجراحية .
المعالجة الإسعافية : إزالة الألم - إزالة الإنتان - معالجة سوء الوظيفة الماضغة .
اعتبارات مرضى ارتفاع الضغط في العيادة
1. استخدام المقبضات الوعائية في التخدير لموضعي :
عند استخدام الادرينالين في التخدير الموضعي ما نخشى منه هو حقن كميات كبيرة منه أو الحقن داخل الأوعية الأمر الذي قد يؤدي إلى اضطراب في القلب والشرايين المغذية له ولكن عدم استخدام الادرينالين قد ينقص من مدة التخدير مما يؤدي إلى إصابة المريض بالألم والتوتر الأمر الذي يؤدي إلى إفراز كميات من الادرينالين تفوق ما تحتويه 3 امبولات على أقل تقدير .
إن فوائد الجرعات الصغيرة من الادرينالين المستخدمة في طب الأسنان عندما تطبق بشكل سليم تفوق المساوئ القلبية الوعائية .
2. التخدير العام :
بشكل عام تعزز المخدرات العامة (سواء بطريق الاستنشاق أو الحقن)من فعل جميع الأدوية الخافضة للضغط .
3. السيطرة على القلق:
يجب أخذ الإجراءات التالية: آ - تطمين المريض قبل إجراء المعالجة .
ب - يمكن استخدام المهدئات في الليلة قبل المعالجة .
ج - يمكن استخدام النتروز لتخفيف القلق .
د - إعطاء موعد في فترة الظهر .
4. هبوط الضغط لدى الوقوف
بالتعريف هو هبوط في الضغط الانقباضي بمقدار 20 ملم/ز عند الوقوف وينتج عن عدم قدرة الجسم على تعديل الجريان الدموي(مما يؤدي إلى انصباب كميات كبيرة من الدم إلى القسم السفلي من الجسم ) ينتج عن ذلك شعور المريض بالدوار أو إصابته بالإغماء .تشاهد هذه الحالة بكثرة لدى المرضى المعالجين بالأدوية حاصرات ألفا 1 أو 2 والمدرات . لتفادي هذه المشكلة يجب إعادة المريض من وضع المعالجة إلى وضع الجلوس ببطء وتفادي الحركات المفاجئة السريعة كما يجب أن يبقى جالساً لفترة قبل أن ينهض على قدميه .
5. التداخلات الدوائية :
يجب مراعاتها عند وصف الأدوية لمريض فبعض الأدوية تزيد أو تنقص من فعل خافضات الضغط .
• المعالجة بالمسكنات قد تؤدي إلى نوبات هبوط في الضغط .
• المعالجة بمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية قد تخفض من فعالية يعض خافضات الضغط .
6. قد تؤدي بعض الأدوية الخافضة للضغط إلى ازدياد حس الغثيان لدى المريض فيجب التقليل من الحركات التي تؤدي إلى الشعور بالغثيان .
7. في حال وجود ارتفاع شديد في الضغط قد نلاحظ نزف غزير بعد التقليح والجراحات .
8. تملك أغلب خافضات الضغط آثاراً جانبية تظهر في مستوى اللثة والنسج المخاطية الفموية وبالتالي يجب معالجة هذه الآثار الجانبية .
9. اعتبارات أخرى :
• يعطى الاسبرين لمرض فرط التوتر الشرياني للتخفيف من الاختلاطات الخثرية في الأوعية الدماغية والإكليلية فيجب أخذ ذلك بالاعتبار لأن الاسبرين قد يؤدي إلى مشاكل في النزف .
• العديد من مرضى ارتفاع يكون لديهم أصوات قلب انبساطية وبالتالي يجب الوقاية من احتمال الإصابة بالتهاب شغاف القلب .
• كثيراً ما يكون مريض ارتفاع الضغط مصاباً بمرض آخر (قلبي – دماغي – كلوي) ويتناول أدوية لعلاجها فيجب أخذ ذلك بعين الاعتبار عند وصف الأدوية .