كتاب الورقات لأبي المعالي الجويني
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد : فهذه نبذة مختصرة عن كتاب الورقات ومؤلفه عبد الملك بن عبدالله الجويني
اسمه ونسبه
هو : أبو المعالي عبد الملك بن عبدالله بن يوسف بن محمد الطائي الجويني النيسابوري الشافعي ،ضياء الدين ، إمام الحرمين ، من أعلام الشافعية الكبار ومن أكثر الناس عناية بمذهب الشافعي ومن أصحاب الوجوه .
والجويني بضم الجيم وفتح الواو وسكون الياء المعجمة باثنتين من تحتها وفي آخرها النون هذه النسبة إلى جوين وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة يقال لها كويان فعربت فقيل جوين
قال السبكي : هو الإمام شيخ الإسلام البحر الحبر المدقق المحقق النظار الأصولي المتكلم البليغ الفصيح الأديب العلم المفرد إمام الأئمة على الإطلاق عجما وعرباً 00 ومن ظن أن في المذاهب الأربعة من يداني فصاحته فليس على بصيرة من أمره ومن حسب أن في المصنفين من يحاكي بلاغته فليس يدري ما يقول . طبقات الشافعية ( 5/ 168)
قال السمعاني : كان أبو المعالي إمام الأئمة على الإطلاق مجمعاً على إمامته شرقاً وغرباً لم تر العيون مثله تفقه على والده وكان يتردد إلى مدرسة البيهقي وأحكم الأصول على أبي القاسم الإسفراييني
مولده ووفاته
ولد سنة 419 واعتنى به والده من صغره وكان أعلم أهل الأرض بالكلام والأصول والفقه وأكثرهم تحقيقاً بل الكل من بحره يغترفون وتوفي سنة 478 . طبقات الشافعية ( 5/ 170)
قال أبو عثمان الصابوني: فهو اليوم قرة عين الإسلام والذاب عنه بحسن الكلام.
وقد ذكره بتوسع الحافظ ابن عساكر وعده من الطبقة الرابعة من أصحاب الأشعري مع أبي القاسم القشيري وأبي إسحاق الشيرازي . تبيين كذب المفتري ( 291)
وقال الذهبي : الإمام الكبير شيخ الشافعية إمام الحرمين أبو المعالي الشافعي صاحب التصانيف.
وسمي بإمام الحرمين لأنه أقام بمكة والمدينة أربع سنوات وقيل لانحصار إفتاء الحرم المكي والمدني فيه .وهناك من ُيلقب بإمام الحرمين منهم أبو علي الحسن بن القاسم المقرئ وكذلك الحسين الطبري. نزهة الألباب في الألقاب ( 1/ 97). ميزان الاعتدال ( 2/ 270)
ولكن إذا أُطلق في الغالب فالمرادبه أبو المعالي عبدالملك الجويني .
قال المنذري : توفي والد أبي المعالي فأقعد مكانه ولم يكمل عشرين سنة! فكان يدرس وأحكم الأصول على أبي القاسم الإسكاف وجاور ثم رجع 000الخ السير (( 18/ 470)
عقيدته
يعد الجويني من كبار الأشاعرة في زمانه بل من منظريهم وهومن المتكلمين المشهورين ورائد من رواد علم الكلام وعلم من أعلامهم
قال السبكي :ولا يشك عاقل ذو خبرة أنه أعلم أهل الأرض بالكلام.
قلت: لكنه تراجع في آخر عمره عن كل ذلك كما قال عن نفسه لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما اشتغلت بعلم الكلام ، وكتابه العقيدة النظامية يبين ذلك
ومن أقوال أبي المعالي : اختلفت مسالك العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة وامتنع على أهل الحق فحواها فرأى بعضهم تأويلها والتزم ذلك في القرآن وما يصح من السنن وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهرعلى مواردها وتفويض معانيها إلى الرب تعالى والذي نرتضيه رأياً وندين به عقيدة اتباع سلف الأمة فالأولى الاتباع والدليل السمعي القاطع في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة وهو مستند معظم الشريعة 0000الخ راجع الرسالة النظامية (العقيدة النظامية ) وهي مطبوعة وراجع السير ( 18/ 473). مختصر العلو (276)الفتوى الحموية الكبرى.(59)
وقال محمد بن طاهر : حضر المحدث أبو جعفر الهمداني مجلس وعظ أبي المعالي فقال : كان الله ولا عرش ، وهو الآن على ماكان عليه . فقال أبو جعفر : أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها ما قال عارف قط : يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة تطلب العلو لايلتفت يمنة ولا يسرة فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا ، أو قال : فهل عندك دواء لدفع هذه الضرورة التي نجدها ؟ فقال : ياحبيبي ما ثم إلا الحيرة ولطم على رأسه وقال فيما بعد : حيرني الهمذاني .وفي رواية : الحيرة الحيرة والدهشة الدهشة .وإسنادها صحيح
سير أعلام النبلاء (18/ 474) ، مختصر العلو (276)
وقال أبو المعالي : يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما اشتغلت به .
ومن أقواله المشهورة : اشهدوا عليّ قد رجعت عن كل مقالة تخالف السنة وأني أموت على ما يموت عليه عجائز نيسابور
سيرأعلام النبلاء ( 18/ 474)
وأبو المعالي من نيسابور ولذلك ذكر نيسابور دون غيرها من المناطق
قال المعلمي : فتدبر كلام هذا الرجل (أبو المعالي) الذي طبقت شهرته الأرض يتضح لك منه أمور :
1-الأول حسن ثقته بصحة اعتقاد العجائز وبأنه مقتض للنجاة
2-سقوط ثقته بما يخالف ذلك من قضايا النظر المتعمق فيه وجزمه بأن اعتقاد تلك القضايا مقتض للويل والهلاك
3-أنه مع ذلك يرى أن حاله دون حال العجائز لأنهن بقين على الفطرة وسلمن من الشك والارتياب ولزمن الصراط وثبتن على السبيل فرجى لهن أن يكتب الله تعالى في قلوبهن الإيمان فلهذا يتمنى أن يعود إلى مثل حالهن وإذا كانت هذه حال العجائز فما عسى أن يكون حال العلماء السلفيين. التنكيل ( 2/ 232)
لكن السبكي الأشعري رد على من قال أن أباالمعالي تراجع وقال كل مافي الأمر أن إمام الحرمين تحول من مذهب التأويل إلى مذهب التفويض
وضعف الآثار الواردة التي تقول ( حيرني الهمذاني ) وغيرها من الأقوال التي ذكرها شيخ الإسلام وابن القيم والذهبي وشنع على الذهبي أيما تشنيع
وواضح أن السبكي لأشعريته الشديدة لايؤمن بهذه الأقوال وأن رويت بآسانيد صحيحة وتشنيعه على الحافظ الذهبي وابن طاهر والهمذاني أكبر دليل على ذلك والله أعلم
شيوخه وتلاميذه
ومن أشهر تلاميذه :أبو حامد الغزالي ،وعبدالغافر النيسابوري، وأبوالحسن الطبري المعروف بالكيا الهراسي ،وأبو المظفر الخوافي
وأما شيوخه فمنهم :أبو القاسم الإسكافي ،وأبو نعيم الأصبهاني وأشهرهم والده أبو محمد الجو يني
وكانت هناك مراسلات بين أبي محمد (والد إمام الحرمين) وبين البيهقي أحمد بن الحسين الحافظ المشهور في أولها( يقول البيهقي): سلام الله ورحمته على الشيخ الإمام وإني أحمد الله ا إليه الذي لاإله إلا هو وحده لاشريك له وأصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم أما بعد: عصمنا الله بطاعته وأكرمنا بالاعتصام بسنة نبيه خيرته من بريته وأعاننا على الاقتداء بالسلف الصالحين من أمته وعافانا في ديننا ودنيانا وكفانا كل هول دون الجنة بفضله ورحمته فقلبي للشيخ أدام الله عصمته وأيد أيامه مقتد ولساني له بالخير ذاكر ولله تعالى على حسن توفيقه إياه شاكر 000ثم إن بعض أصحاب الشيخ أدام الله عزه وقع إلى هذه الناحية فعرض لي أجزاء ثلاثة مما أملاه من كتابه المسمى _(بالمحيط) فسررت به ورجوت أن يكون الأمر فيما يورده من الأخبار على طريقة الأئمة الكبار لائقاً بما خص به من علم الأصل والفرع موافقاً لما ميز به من من فضل العلم والورع 000الخ طبقات الشافعية ( 5/ 85)
كتبه
من أشهر كتبه : نهاية المطلب في المذهب .الإرشاد في أصول الدين مطبوع والعقيدة النظامية وغياث الأمم في الإمامة وغيرها من الكتب
وفي الأصول : البرهان في أصول الفقه(مطبوع)،والتحفة في أصول الفقه , وكذلك التلخيص في أصول الفقه(مطبوع) و كتاب الورقات ذكره السبكي في الطبقات(5/ 170)
وأنشدوا له
أخي لن تنال العلم إلا بستة ******سأنبئك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص وافتقار وغربة ***وتلقين أستاذ وطول زمان .
ذيل تاريخ بغداد (16/ 91)
ومن أقوال أبي المعالي المشهورة :مامن شافعي المذهب إلا وللشافعي عليه منة إلا أحمد البيهقي فإن له على الشافعي منة لتصانيفه في نصرة مذهبه . سير أعلام النبلاء ( 18/ 168)
قال الذهبي :أصاب أبو المعالي هكذا هو ولو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهبا لكان قادرا على ذلك 000الخ. السير ( 18/ 170)
[b]